الوالي والسكرتيرة الجديدة

Le Wali Et La Nouvelle Secrétaire

يتلقى والي المدينة التهنئة بمناسبة مرور سنتين على ولايته. ويؤكد له رئيس ديوانه وسكرتيرته ومستشاره أن الناس يثنون عليه وأنه خير الولاة الذين عرفتهم البلاد. وتقيم له بعض الجمعيات المدنية حفلة تكريم تقديرا لجهوده في النهوض بالمدينة. وتقلده جمعية حراس المدينة وسام الحارس الأول لها.

ويعين رئيس الديوان سكرتيرة جديدة للوالي بدل السكرتيرة القديمة التي تزوجت وغادرت المدينة. ويوصيها أن تبتسم دائما في وجه الوالي، وأن تجيبه إذا سألها عن أحوال المدينة بأن كل شيء على ما يرام. ويحذرها من أن تحدثه عن مشاكل المدينة أو تشتكي له من أزمة المواصلات وغلاء المعيشة والفساد واضطراب الأمن.

وفي أوج إحساس الوالي بنشوة النجاح يستقبل السكرتيرة الجديدة ويسألها عن أحوال المدينة.

 

الوالي[يبقى واقفا يتفرس فيها]: أنت السكرتيرة الجديدة؟

السكرتيرة[ تبتسم في وجهه ابتسامة مصطنعة]: نعم يا سيدي.

الوالي: ما اسمك؟

السكرتيرة: أنيسة.

الوالي[متحمّسًا]: لا شيء يبهج الإنسان أكثر من نشوة النجاح. عمل سنة كاملة نسيْتُه في لحظة واحدة.

السكرتيرة: نعم يا سيدي.

الوالي[يقف مواجها لها]: اصدقيني القول يا أنيسة وأخبريني بصراحة. ما أخبار المدينة؟

السكرتيرة[تدير وجهها وتتحدث بينها وبين نفسها بحيث يسمعها الجمهور]: لو لم تقل لي اصدقيني القول وأخبريني بصراحة. أكاد أنفجر. لابد أن أقول الحقيقة. [تواجهه وتسأل]: بصراحة، بصراحة؟

الوالي: نعم.

السكرتيرة[تتكلم بحرارة وبصوت عال]: أخبار المدينة سيئة يا سيدي. أحياء المدينة قذرة، والمواصلات مزدحمة، وأسعار الخضر والفواكه ترتفع باستمرار والناس يشتكون من فقدان الأمن وكثرة الجرائم وانتشار الرشوة والفساد.

الوالي[مستنكرا]: مهلا. مهلا. ما بك؟

السكرتيرة: أنت قلت لي: اصدقيني القول وتكلمي بصراحة.

الوالي: من أين أتيت بهذه المعلومات الخاطئة؟ لغة الأرقام تؤكد أن المدينة تعيش أحسن أيامها.

السكرتيرة: أنا لا أفهم لغة الأرقام بل لغة الواقع المحسوس.

الوالي[بحماس]: بالأمس حضرت حفلة تكريم وكل الموجودين تحدثوا عن نظافة المدينة وحسن تسييرها.

السكرتيرة: هؤلاء سكان القصور والفيلات يا سيدي. أما سكان الأحياء الشعبية فلهم رأي آخر.

الوالي: أين تسكنين؟

السكرتيرة: أسكن في حي المحقورين يا سيدي.

الوالي[متعجبا]: هل هناك في المدينة حي بهذا الاسم؟

السكرتيرة: اسمه حي المنصورين، لكن أهل الحي يسمّونه حي المحقورين.

الوالي: لماذا سمّوْه هكذا؟

السكرتيرة: لأنه حي مهمل يا سيدي. الأرض فيه محفرة، والعمارات لا لون لها. مجرد مأوى للسكن ليس فيه أي مرافق حيوية اجتماعية أو ثقافية. انتظر دقيقة يا سيدي. [تخرج ثم تعود وهي تحمل جريدة تسلّمها له.]

الوالي[يمسك الجريدة ويقرأ]: ما هذا؟ جريدة أصداء المدينة. لم أسمع بها قبل الآن. لماذا لم يحضروها لي؟ انظري ماذا يقول: مشاكل المدينة تتفاقم والوالي يغط في نوم عميق.

[يدخل رئيس الديوان وتخرج السكرتيرة.]

الوالي: ماذا يا رئيس الديوان؟ كيف لم ترسل لي هذه الجريدة مع الصحف؟ [يريه الجريدة.]

رئيس الديوان[ينظر إلى الجريدة]: إنها جريدة تافهة يا سيدي. أصحابها يحسدون الناجحين ويغارون منهم. إنهم أعداء النجاح ياسيدي. يحاربونك لأنك استطعت أن تحل مشاكل المدينة.

الوالي: ومشاكل حي المنصورين؟

رئيس الديوان[مندهشا]: حي المنصورين!

الوالي: نعم. حدثتني السكرتيرة عن مشاكله. أريد أن تعد لي ملفا عن هذا الحي لأدرسه. [تدخل السكرتيرة تحمل ملفا]:

السكرتيرة: هذه العريضة يا سيدي عاجلة جدا وقد وصلت الآن.

الوالي[مستفهما]: عريضة! من مقدمها؟

السكرتيرة: جاءت من المجلس الولائي يا سيدي.[ يحاول رئيس الديوان أن يأخذ العريضة فيسبقه الوالي]:

الوالي: أرني. إنها موقعة من ثلث أعضاء المجلس الولائي يطالبون بعقد دورة استثنائية للمجلس لمناقشة مشاكل المدينة المتزايدة.

رئيس الديوان[يخاطب السكرتيرة]: اذهبي أنت إلى عملك. [يخاطب الوالي بخبث]: إنهم قلة من المعارضين في المجلس الولائي يا سيدي. اقترب موعد الانتخابات وهم يريدون التشويش وإثارة الضجيج لكسب أصوات ناخبي المدينة. مع الأسف هم شعبويون ومشاكل المدينة ليست إلا أوهاما في مخيلتهم. على كل حال لدينا أكثرية الثلثين. والآن وقت عطلة ولا لزوم للدورة الاستثنائية. فالدورة العادية تبدأ في سبتمبر بعد العطلة.

الوالي: ماذا تقترح؟

رئيس الديوان[بهدوء وبابتسامة عريضة]: أقترح أن تذهب إلى العطلة وأنت مطمئن. ألم تقنعك حفلة التكريم بحب سكان المدينة؟

الوالي[متحيرا]: لا أدري. لم أعد متأكدا من شيء.

رئيس الديوان: لا تقلق يا سيدي. سأكلم رئيس المجلس. سأحل المشكلة معه فورا.[يخرج]

الوالي[يخاطب نفسه بصوت مرتفع أمام الجمهور]: من أصدق يا ترى؟ رئيس الديوان والمستشار والسكرتيرة حفيظة وخطباء حفلة التكريم أم السكرتيرة أنيسة وجريدة أصداء المدينة وعريضة ثلثي أعضاء المجلس الولائي؟ من الصادق منهم ومن المخادع؟ كيف أكون الوالي ولا أستطيع أن أعرف الحقيقة؟ سأذهب فورا إلى المجلس الشعبي الولائي.

 

الأسئلة:

1-  ما الجواب الذي توقعه الوالي حين سأل السكرتيرة الجديدة عن أحوال المدينة؟ وماذا كان جوابها؟

2-  ماذا كانت تعليمات رئيس الديوان؟ ولماذا لم تتقيد السكرتيرة بها؟ وما الذي يكشفه لك تصرفها عن سلوكها وطباعها؟

3-  لماذا فوجئ الوالي بجواب السكرتيرة؟ وماذا كان رد فعله؟

4-  ما اسم الحي الذي تسكن فيه السكرتيرة؟ ولماذا غير السكان اسمه؟

5-  لماذا لم يطلع الوالي من قبل على جريدة أصداء المدينة؟ وبماذا وصف رئيس الديوان الجريدة وأصحابها؟

6-  ما العريضة التي قدمتها السكرتيرة للوالي؟ وبماذا وصف رئيس الديوان الجريدة وأصحابها؟

7-  من تصدق لو كنت مكان الوالي: رئيس الديوان أم السكرتيرة الجديدة؟ ولماذا؟

 

مسرحية "عطلة السيد الوالي"- الفصل الأول

لقراءة الفصل الأول كاملا اضغطوا هنا: الفصل الأول

لقراءة فصول المسرحية كاملة اضغطوا هنا: عطلة السيد الوالي